" قال الْقَاضِي عِيَاض : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمَسْأَلَة , فَقَالَ مَالِك وَالطَّبَرِيّ وَكَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ : الْوَصْل مَمْنُوع بِكُلِّ شَيْء سَوَاء وَصَلَتْهُ بِشَعْرِ أَوْ صُوف أَوْ خِرَق , وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِر الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِم بَعْدُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ أَنْ تَصِل الْمَرْأَة بِرَأْسِهَا شَيْئًا .
وَقَالَ اللَّيْث بْن سَعْد : النَّهْي مُخْتَصّ بِالْوَصْلِ بِالشَّعْرِ , وَلَا بَأْس بِوَصْلِهِ بِصُوفِ وَخِرَق وَغَيْرهَا . وَقَالَ بَعْضهمْ : يَجُوز جَمِيع ذَلِكَ , وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ عَائِشَة , وَلَا يَصِحّ عَنْهَا , بَلْ الصَّحِيح عَنْهَا كَقَوْلِ الْجُمْهُور .
قَالَ الْقَاضِي : فَأَمَّا رَبْط خُيُوط الْحَرِير الْمُلَوَّنَة وَنَحْوهَا مِمَّا لَا يُشْبِه الشَّعْر فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَصْلٍ , وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَقْصُود الْوَصْل , إِنَّمَا هُوَ لِلتَّجَمُّلِ وَالتَّحْسِين . قَالَ : وَفِي الْحَدِيث أَنَّ وَصْل الشَّعْر مِنْ الْمَعَاصِي الْكَبَائِر لِلَعْنِ فَاعِله . وَفِيهِ أَنَّ الْمُعِين عَلَى الْحَرَام يُشَارِك فَاعِله فِي الْإِثْم , كَمَا أَنَّ الْمُعَاوِن فِي الطَّاعَة يُشَارِك فِي ثَوَابهَا " انتهى .