• الحمدللہ محدث فورم کو نئےسافٹ ویئر زین فورو 2.1.7 پر کامیابی سے منتقل کر لیا گیا ہے۔ شکایات و مسائل درج کروانے کے لئے یہاں کلک کریں۔
  • آئیے! مجلس التحقیق الاسلامی کے زیر اہتمام جاری عظیم الشان دعوتی واصلاحی ویب سائٹس کے ساتھ ماہانہ تعاون کریں اور انٹر نیٹ کے میدان میں اسلام کے عالمگیر پیغام کو عام کرنے میں محدث ٹیم کے دست وبازو بنیں ۔تفصیلات جاننے کے لئے یہاں کلک کریں۔

هل استَحالت الدِّيمقراطية بناءً على أحد الأصول المعتدِّ بها ..؟

شمولیت
اپریل 27، 2020
پیغامات
520
ری ایکشن اسکور
167
پوائنٹ
77
هل استَحالت الدِّيمقراطية بناءً على أحد الأصول المعتدِّ بها ..؟


عجبي من المجلس الأعلى للفتوى والمظالم كيف يمرِّر الديمقراطية وانتخاباتها بهذه السهولة ، وهي التي تساوي -لو افترضنا سلامة الدستور والقوانين من الطعون- بين الفاسق والمطيع ، والبَرِّ والفاجر، فإذا كان المتهتِّكون في الفسق أكثرية في جهة استحقُّوا الحكم والمناصب السيادية.

وكأنَّ متدفِّقي الأشواق إلى المشاركة السياسية يتَكلَّمُون عن ديمُقراطيةٍ تَبدَّلت عينُها وتَغيَّرت أوصافُها، والحقيقة أنَّ الدِّيمُقراطية إذا تغيَّرت أوصافُها وتبَدَّلت أحكامُها صارت شيئا آخر، فهل استحالت الدِّيمُقراطية إلى آلةٍ مشروعةٍ ووَسيلة مَرْضية؟

إنَّ الاستحالةَ معلومةٌ عند الفقهاء والأُصوليِّين، وهي لُغة استفعالة من حَالَ يَحُولُ إذا تَغَيَّر أو زال، قال الشَّاعر:


إنَّ الزَّمان الَّذي عهدي به حسن ..
قد حال مُذ غاب عنِّي وجهُك الحسنُ

وهي في الأصل استحوالٌ على وزن استفعال، أُعِلَّت بِحذف حرف العِلَّة الواو، وهو عين الفعل، وعُوِّضت عنه بتاء التَّأنيث كما في اللاَّمية:
ما عينُه اعتلَّت الإفعال منه والاس-تفعالُ بالتَّا وتعويضٌ بها حصلا..

وهي في الاصطلاح تَغَيُّرٌ يَحصُل فَتَزول به الأعراض، وتَتَبَدَّل الأوصاف، فتتَغَيَّر تَبَعا لذلك الأسماءُ والأحكام.

واستِحالةُ الأعيان النَّجسة من المطهِّرات عندَ كثير من المُحقِّقين، ولا مانِع من تنزيل هذا على غير النَّجاسات الحِسِّية، إذِ الحُكمُ يدُورُ مع العِلَّة حيث دارت، والعِبرةُ بالحقائق لا بِمُجَرَّد الأسماء الَّتي لا تُغني من الحَقِّ شيئا، ولا مُشاحَّةَ في الاصطلاح إلا إذا كانَ من الأسماء والألقاب المَنهِيِّ عنها لذاتِها أو لِعِلَّةٍ تَقتَضي ذلك.

فإذا حرَّرنا هذا ورَجَعنا إلى الدِّيمُقراطية وقرَّرنا أنَّ العلَّة في تحريمِها الجانِبُ الإيديولوجي ، فإنَّه يمكن بناءُ ذلك على أُصولٍ ثلاثة، كما فعلَ القَرافيُّ في مسألةِ الطَّهارة بالاستِحالة, وهذه الأُصول هي المناسبةُ والدَّورانُ والاستقراء، وسنَرى بوضوح هل استِحالت الدِّيمُقراطية وتَغَيَّر حُكمها بِناءً على أحدِ هذه الأُصول؟

أ. المُناسَبة:
ومعناها أن يكون في محلِّ الحُكم وصفٌ يُناسِبُ ذلك الحُكم، وهي أنواع، فإذا عَلِمنا مَثلا أنَّ إيديولوجية الدِّيمُقراطية قائمة على أنَّ الحُكم للشَّعب، فإنَّ هذا الوَصف مناسِبٌ لتحريم الدِّيمُقراطية، فأين هي هذه الدِّيمُقراطية الَّتي لا تجعلُ الحُكم للشَّعب، ولا تُحَكِّمُ القوانين الوَضعية، وليس فيها شيءٌ من تلك المُخالَفات، لِنَقولَ إنَّ الوصفَ المُناسِب للتَّحريم قد استَحالَ، وأصبحَ مكانَه وصفٌ مُناسِبٌ للحُكم بالإباحة؟

ب. الدَّوَران:
وهو اقترانُ الحُكم بالوَصف وُجُودا وعَدَماً مِمَّا يَدُلُّ على أنَّ الوَصفَ عِلَّةُ الحُكم، فحُرمةُ الدِّيمُقراطية وعَدم مشروعيَّتِها دائرةٌ مع ما فيها من المُحَرَّمات والمُخالَفات الَّتي هي عِلَّةُ التَّحريم، فإذا زالت العِلَّةُ تغيَّر الحُكمُ وانتَقل إلى الإباحة.

فإذا رَجعنا إلى الواقع فإنَّ هذه الدِّيمُقراطية المُعلنة لا تزالُ العلَّةُ في تحريمِها موجودَةً في أكثرَ من ناحية، حتَّى الانتخاب فإنَّه ليس جُزءً مستقِلا، وإنَّما هو انتِخابٌ في رحم الدِّيمُقراطية الَّتي تجعلُ الحُكمَ والسِّيادَةَ العليا للشَّعب.

وقبل أن أتكلَّم عن الاستقراء, أنبِّه إلى أنَّ مفاسد النِّظام الدِّيمقراطي لا اختلاف عليها بين المنصفين, وحتَّى الشَّيخ عبد الرَّحمن بن عبد الخالق في كتابه "مشروعية الدخول إلى المجالس التشريعية" لم يَمنعه رأيُه في مَشـروعيةِ المُشاركة استثناءً من الأصل من أن يَعترِف بِفسادِ هذا النِّظام، حيث قال: (وقد ذكرَ بعضُ الإخوة مفاسد الدِّيمُقراطية فبلغت خمسين مفسدةً, ونحن نستَطيعُ أن نُضيف عليها خمسين أُخرى بل مائة، ولا يَعني هذا تَحريم الدُّخول إلى المَجالِس البرلَمانية لأنَّ الدَّاخل يُؤمن بِفسادِ هذا النِّظام، وما دخل إلا من أجل تَغييرِه وتبدِيلِه..)
وهو يُشير إلى كتاب "خمسون مفسدة جليَّة في حكم الدِّيمُقراطية" للشَّيخ عبد المَجيد الرِّيمي.

ومن الكتُب في هذا الباب: "الديمقراطية في الميزان" لسعيد عبد العظيم، و"الديمقراطية الغربية في ضوء الشريعة الإسلامية" للدكتور محمود الخالدي، و"حقيقة الديمقراطية" لمحمد شاكر الشريف، وكتاب "نظرية السِّيادة، وأثرها على شرعية الأنظمة الوضعية" للدُّكتور صلاح الصاوي..فهي كلُّها تفنِّد هذا النِّظام وتُبرز نقاط مخالفته الكبيرة لشريعة .

ومن أحسن الكتب فيها كتاب: "الإسلاميون وسراب الديمقراطية" للدكتور عبد الغني بن عبد الكريم الرَّحَّال.

ج. الاستقراء:
وهو سبرُ الفروع وتَتَبُّع جُزئيَّاتها للوصول إلى المعنى الَّذي يربط بينها، وذلك لمعرفة مدى اتِّساقها وانضباطها، فإذا ضَبطها معنى واحد وكان لها حُكم واحد كانت قاعدة كلِّية.

فإذا تتَّبعنا الدِّيمُقراطية وسبَرنا أغوارها ووجدنا أنَّه قد زالت كُلُّ عِلَّةٍ للتَّحريم من كُلِّ جُزئيَّاتها فحينئذٍ تكون قد استحالت إلى شيءٍ آخر، فيتغيَّرُ الحُكمُ تبَعا للاستِحالة، ولكن هيهات، فإنَّ علَلَ التَّحريم موجودة، فلا تَقع الاستحالةُ مع وُجُودِ عِلَّةٍ واحِدَة منها ولو في جُزئية..فكيف إذا اجتمعت!؟

ثمَّ إنّ العِلَل القاضيةَ بِتحريم الدِّيمُقراطية يُوجد كثير منها في الانتِخاب الدِّيمُقراطي، هذه الَوسيلة الَّتي يراها المشاركون آليةً شرعيةً للاختيار، وأخطرُها أنَّ قبُول الانتخاب في ظلِّ الدِّيمُقراطية هو ترسيخ لها، وفي ذلك تمييع لقضية الحاكمية في نفوس الجماهير, كما صرَّح به الشَّيخ محمَّد قطب في "واقعنا المعاصر" فهي لا تصحُّ إلا به، هذا فضلا عن كونه لا يُراعي الشُّروط الشَّرعية فيمن يَحِقُّ له التَّرشُّح والاختيار، فالعُدول المطيعون والمتهتِّكون في الفسق سواء في ذلك, فتحصَّل أنَّ هذا الانتخاب مندَرِجٌ تحت القاعدة الكلية في حُكم الدِّيمُقراطية.

ولَعلَّ هذا من الوُضوح بِمنزلة لا يحتاج معها إلى اجتهاد، لأنَّه أوضَحُ ممَّا نصَّ العُلماءُ عليه من أنَّ إدراجَ الجُزئيات تحت الكُلِّيات لا يحتاج للمجتهد، وفي هذا المَعنى هذه الأبيات الجميلة الَّتي تُنسب للمرابط محمَّد سالم ولد عدُّود, وممَّن نسبها له العلَّامة انَّ ولد الصِّفِّي في بعض فتاويه:


إن قيل ما هذا القياسُ ألم يَكُن..
من شأن مُجتهدٍ وليس لمُقتَفِ

قلنا الأئمَّةُ عيَّنواْ عِلَلا بِها..
قد نِيطَت الأحكامُ للمُتَكَلِّفِ

بِمسالكٍ أمِنت مَصالَ قوادِحٍ..
فاقنَع بِها إنَّ السَّعيدَ لَمن كُفِي

فإذا عَرَفت وُجُودَها في حادث..
فأنِلهُ حكمَ الأصلِ دون توقُّفِ

ومن خلال هذه الأصول الثَّلاثة يتبيَّن أنَّ الدِّيمقراطية الموجودة عندنا ما استحالت, وإنَّما هي على حُكمها الباطل لم يتبدَّل ولم يتغيَّر, إذ لم يخرج من مَيدانه, ولم تُطمس علَّة بطلانِه, فهل تجوز المشاركة السِّياسية في ذلك الحكم مِن باب المصلحة أو الضَّرورة..؟


 
Top