ابو داؤد
رکن
- شمولیت
- اپریل 27، 2020
- پیغامات
- 578
- ری ایکشن اسکور
- 186
- پوائنٹ
- 77
تذكير ببداية السنة الهجرية
شهر الله المحرَّم أولُ شهور السَّنة، وأحد الأشهر الحُرُم المَخصُوصة بالذِّكر والمتميِّزة بتعظيم انتهاك الحرُمات فيها في قوله تعالى: (إنَّ عِدَّةَ الشُّهور عندَ اللَّه اثنا عشرَ شهرا في كتابِ اللَّه يومَ خلقَ السَّماواتِ والأرضَ منها أربعةٌ حُرُمٌ ذلك الدِّينُ القَيِّمُ فلا تَظلِموا فيهنَّ أنفُسَكُم..)
ذو قعدةٍ ذو حجَّة مُحرَّمُ..
ورجبُ الفردُ شهورٌ حُرُمُ.
وللمُحرَّم مع ذلك خصائص عظيمة ومزايا فائقة منها :
1. تشريفه وتكريمه بإضافته لله سبحانه، فلم تصح إضافة شهر إلى الله سواه.
2. صيامه أفضل الصِّيام بعد رمضان.
وقد ورد هذان الأمران في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قال : (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ،وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) رواه مسلم.
3. فيه يوم عاشوراء ، وأقر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلم أنه "يوم صالح" كما عند البخاري وفي رواية "يوم عظيم"
وقد كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يتحرَّى صيامه ويفضِّله على غيره ، كما روى البخاريُّ وغيرُه عن ابن عباس.
وورد في ثواب صَومه حديث أبي قتادة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: (يُكفِّر السَّنة الماضية) رواه مسلم.
وأُسجِّل بهذه المناسبَة نقاطا مُهمَّة :
1. لفضل هذا الشَّهر وحُرمتِه كان فاتحةَ السَّنة الهِجرية, وفي ذلك تربيَّة على تصحيح البداية وحُسن الانطلاق, وذلك مَدعاة لصلابة الإيمان, ومصاحبة استِقامةٍ تزداد في مواسمَ أفضل.
2. لم تكن هجرة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلم في المحرَّم كما يظنُّ كثير من العوامِّ، وإنما كانت في ربيع الأوَّل كما قال ابنُ إسحاق وابنُ كثير وغيرُهما من محقِّقي السِّيرة .
3. ليس في هديِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الطَّاهر ولا في صفحاتِ تاريخ السَّلف الصَّالح المُشرقة احتفالٌ برأس السَّنة الهجرية، وإنَّما يجِب الاعتِناء بالتَّاريخ الهجري والأشهر القمرية لما يتعلَّق بها من عبادات وأحكام دون الاحتفال برأس السَّنة, ولعلَّ أوَّلَ من احتفل بذلك الفاطميُّون، وهم أهل ضلال واختِلاق، فقد قال المقريزيُّ إنهم كان لهم "اعتناء بليلة أوَّل محرَّم، لأنَّها أوَّل ليالي السَّنة"
4. تَدارُس سيرة النَّبيِّ الأكرم صلَّى الله عليه وسلَّم وذِكرُ هجرته ابتغاء التأسِّي وطلبا للهداية مطلوب في كلِّ السّنة، وهو قُوت القلوب كلَّ وقت، ومصباح العقُول كُلَّ حين, فلا ينبغي اتخاذُه حُلِيًّا تُزيَّن به أيامٌ معيَّنة، وعندما تَنصرِم يُكنَز، سِوَى ما أطفأ الرِّياءُ بريقَه، وأفسد التَّملّق أثرَه. ..إلا من رحِم الله.
5. ينبَغي الاعتبار والتَّذكُّر والشُّكر، مع تعاقبِ اللَّيل والنَّهار واختلافِ الشُّهور والأعوام, فقد قال سُبحانَه: (وهو الَّذي جعل الَّليل والنَّهارَ خِلفةً لِّمَن أراد أن يذكَّرَ أو أراد شُكورا)
ومن العجيب نَظرنا إلى سنةٍ ازدادت بها السِّنُّ, وغفلتُنا عن سنَة نَقَصَ بها العُمُر, وكما يَنظرُ الصَّانعُ إلى صَنعتِه عندَ كلِّ طَور فيتحسَّس النَّقص ويتأمَّل الكمال, ويُراجع التّاجرُ كُلَّ حَولٍ مِيزانَ الرِّبح والخسارة, ويستريحُ المسافرُ عندَ كلِّ مَرحلة ليَعلم ما قَطع ويتزوَّدَ لما بَقِي, فعلينا التَّأمُّل والاعتبار عندَ كُلِ مرحلة مِن رحلة أعمارِنا لنتَزَوَّد لِموعدٍ سَتُحطُّ فيه الرِّحالُ (يومَ تَجِدُ كلُّ نفسٍ ما عمِلت منْ خير مُّحضَرا وما عمِلَت مِن سُوء تَوَدُّ لو أنَّ بينَها وبينهُ أمدًا بعيدا..)
متّعنا الله وإيَّاكُم في رَوضاتِ رِضاه, وجعلَ خيرَ أيَّامِنا يَومَ نلقاه.
︎ الشيخ محمد سالم المجلسي الشنقيطي حفظه الله.
Last edited: