ابو داؤد
رکن
- شمولیت
- اپریل 27، 2020
- پیغامات
- 574
- ری ایکشن اسکور
- 184
- پوائنٹ
- 77
[هل النجاشي حكم بغير ما أنزل الله بعد إسلامه؟]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728هـ) رحمه الله:
«قَاعِدَةٌ شَرِيفَةٌ: وَهِيَ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَحْتَجُّ بِهِ الْمُبْطِلُ مِن الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ، لَا تَدُلُّ عَلَى قَوْلِ الْمُبْطِلِ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ يَعْرِفُة كُلُّ أَحَدٍ، فَإِنَّ الدَّلِيلَ الصَّحِيحَ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى حَق لَا عَلَى بَاطِلٍ.
يَبْقَى الْكَلَامُ فِي أَعْيَانِ الْأَدِلَّةِ، وَبَيَانِ انْتِفَاءِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْبَاطِلِ وَدَلَالَتِهَا عَلَى الْحَقِّ: هُوَ تَفْصِيلُ هَذَا الْإِجْمَالِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ نَفْسَ الدَّلِيلِ الَّذِي يَحْتَجُّ بِهِ الْمُبْطِلُ هُوَ بِعَيْنِهِ إذَا أُعْطي حَقُّهُ وَتَمَيَّزَ مَا فِيهِ مِن حَقٍّ وَبَاطِلٍ وَبُيِّنَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ: تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ الْمُبْطِلِ الْمُحْتَجِّ بِهِ فِي نَفْسِ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِ.
وَهَذَا عَجِيبٌ، قَد تَأمَّلْته فِيمَا شَاءَ اللهُ مِن الْأدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ فَوَجَدْته كَذَلِكَ».
مجموع الفتاوى (8/29)، قاعدة: أن كل دليل عقلي يحتج به مبتدع ففيه دليل على بطلان قوله (ص57).
قال الشيخ أبو سلمان الصومالي أيده الله:
من أعيان الأدلة السمعية المندرجة تحت القاعدة: احتجاج الزنادقة بقصة النجاشي رحمه الله في أنّ الحكم بغير ما أنزل الله ليس كفرا أكبر؛ لأنّه لم يحكم بما أنزل الله، ومع ذلك وصفه النبي الكريم بالعبد الصالح؛ فلو كان الحكم بغير ما أنزل الله كفرا لما أطلق عليه الصلاح الديني!!
قلنا: نفس الدليل – قصة النجاشي- الذي يحتج به الزنادقة هو بعينه يدلّ على فساد قولهم من وجوه ثلاثة:
الوجه الأوّل: عدم القدرة على الحكم بما أنزل الله، لا يستلزم الحكم بغير ما أنزل الله، لا عقلا ولا شرعا، والعجز عن الواجب لا يقتضي فعل المحظور، فالدعوى أعمّ من الدليل، وهو قادح.
ومن ادعى عليه الحكمَ بغير التنزيل فمطالب بالدليل، والمباحث التاريخية لا تُثبت بالقياس، وإنما بالنقل المحقّق.
الوجه الثاني: الحاكم بغير التنزيل لا يكون عبدا صالحا، بل كافر كفرا أصغر أو أكبر بالإجماع، لكن الحبشي عبد صالح بشهادة المعصوم، فليس كافرا لا أصغر ولا أكبر؛ فلم يحكم بغير ما أنزل الله. فتبيّن: أن نفس الدليل يدلّ على فساد دعوى الزنادقة.
الوجه الثالث: شرط كون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً علم الحاكم بالمخالفة لما أنزل الله، وإلا انتفى القصد للحكم بغير التنزيل؛ ولهذا لم يكن الحكم بغير ما أنزل الله عن خطأ اجتهاد أو سهو كفرا بالإجماع.
الحاصل:
1-انتفاء الحكم بالتنزيل لا يستلزم الحكم بغير التنزيل عقلا ونقلا.
2- لم يثبت أنه حكم بغير التنزيل.
3- إن سلّمنا ذاك لم يثبت علمه بمخالفة التنزيل.
فبان بطلان الشبهة على كل تقدير.
والله الموفّق.