(٣ - باب الطهور للوضوء)
٤٣ - مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل بني الأزرق عن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار أنه سمع أبا هريرة يقول جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته))
اختلف العلماء في هذا الإسناد فقال محمد بن عيسى الترمذي سألت البخاري عنه فقال حديث صحيح
فقلت له إن هشيما يقول فيه المغيرة بن أبي برزة
فقال وهم فيه إنما هو المغيرة بن بردة
وهشيم إنما وهم في الإسناد وهو في المقطعات أحفظ
وقال غير البخاري سعيد بن سلمة رجل مجهول لم يرو عنه غير صفوان بن سليم وحده
قال ولم يرو عن المغيرة بن أبي بردة غير سعيد بن سلمة
قال أبو عمر قد روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري رواه عنه سفيان بن عيينة وغيره
ذكر بن أبي عمرو الحميدي والمخزومي عن بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن رجل من أهل المغرب يقال له المغيرة بن أبي عبد الله بن أبي بردة ((أن ناسا من بني مدلج أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله! إنا نركب البحر)) وساق الحديث بمعنى حديث مالك
قد ذكرناه في التمهيد وهو مرسل لا يصح فيه الاتصال ويحيى بن سعيد أحفظ من صفوان بن سليم وأثبت من سعيد بن سلمة
وليس إسناد هذا الحديث مما تقوم به حجة عند أهل العلم بالنقل لأن فيه رجلين غير معروفين بحمل العلم في رواية صفوان بن سليم وفي رواية يحيى بن سعيد نحو ذلك في المغيرة بن أبي بردة
وقد روي هذا الحديث أيضا عن النبي - عليه السلام - من حديث الفراسي رجل من بني فراس من بني مدلج بإسناد ليس بالقائم أيضا في حديث الليث بن سعد
وقد ذكرناه في التمهيد
والفراسي مذكور في الصحابة غير معروف
قال أبو عمر المغيرة بن أبي بردة كان مع موسى بن نصير في مغازيه بالمغرب وكان موسى يؤمره على الجيوش هنالك وفتح في المغرب فتوحات
وهذا إسناد وإن لم يخرجه أصحاب الصحاح فإن فقهاء الأمصار وجماعة من أهل الحديث متفقون على أن ماء البحر طهور بل هو أصل عندهم في طهارة المياه الغالبة على النجاسات المستهلكة لها وهذا يدلك على أنه حديث صحيح المعنى يتلقى بالقبول والعمل الذي هو أقوى من الإسناد المنفرد
واختلف رواة الموطأ فبعضهم يقول من آل بني الأزرق كما قال يحيى وبعضهم يقول من آل الأزرق وكذلك قال القعنبي وبعضهم يقول من آل بن الأزرق وكذلك قال بن القاسم وبن بكير وهذا كله غير متضاد
وقد جاء عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص كراهية الوضوء بماء البحر
وليس في أحد حجة مع خلاف السنة
وقد روى قتادة عن موسى بن سلمة الهذلي قال سألت بن عباس عن الوضوء بماء البحر فقال هما البحران يريد قول الله تعالى (هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج) الفرقان ٥٣ لا تبال بأيهما توضأت
وهذا إجماع من علماء الأمصار الذين تدور عليهم وعلى أتباعهم الفتوى وكذلك عندهم كل ماء مستبحر كثير غير متغير بما يقع فيه من الأنجاس
وهذا موضع القول في الماء واختلاف ما فيه للعلماء
فأما الكوفيون فالنجاسة تفسد عندهم قليل الماء وكثيره إذا حلت فيه إلا الماء المستبحر الذي لا يقدر آدمي على تحريك جميعه قياسا على البحر الذي قال فيه رسول الله ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته.
إستذكار