أريد منكم بيان كيفية التشهد في الصلاة الثلاثية والرباعية ، أعني هل يجب قراءة التشهد بأكمله في الركعة الثانية ، وذلك بالتعليل من الكتاب والسنة .
الحمد للَّه
أولا :
التشهد الأول في الصلاة الثلاثية أو الرباعية واجب على الصحيح من قولي العلماء ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (65847) .
وللتشهد ألفاظ متنوعة ، انظر بعضها في جواب السؤال رقم (98031) .
ثانيا :
اختلف العلماء في مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد قراءة التشهد الأول ، على قولين :
القول الأول : أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول الشافعي رحمه الله ، وجعل على من تركها سجود السهود ، واختار المشروعية أيضا ابن حزم في "المحلى" (2/302)
يقول الشافعي في "الأم" (1/228) :
" والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول في كل صلاة غير الصبح تشهدان : تشهد أول وتشهد آخر ، إن ترك التشهد الأول والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ساهيا لا إعادة عليه ، وعليه سجدتا السهو لتركه " انتهى .
وقد اختار هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز والألباني رحمهما الله ، انظر : "مجموع فتاوى ابن باز " (11/201) و "كتاب الصلاة " للألباني (ص 145) .
القول الثاني : أنه يقتصر على قراءة التشهد إلى الشهادتين ، ولا يزيد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول جمهور الفقهاء ، وقد اختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (12/39) :
" يرى جمهور الفقهاء أنّ المصلّي لا يزيد على التّشهّد في القعدة الأولى بالصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وبهذا قال النّخعيّ والثّوريّ وإسحاق .
وذهب الشّافعيّة في الأظهر من الأقوال إلى استحباب الصّلاة فيها ، وبه قال الشّعبيّ .
وأمّا إذا جلس في آخر صلاته فلا خلاف بين الفقهاء في مشروعيّة الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد التّشهّد " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (3/225) :
" لا يستحب أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ، وهذا ظاهر السنة ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلِّم ابن مسعود وابن عباس إلا هذا التشهد فقط ، وقال ابن مسعود : ( كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ) وذكر التشهد الأول فقط ، ولم يذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ، فلو كان سنة لكان الرسول عليه الصلاة والسلام يعلمهم إياه في التشهد .
وأما قولهم : ( يا رسول الله ! علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ؟ ) فهو سؤال عن الكيفية وليس فيه ذكر الموضع ، وفرق بين أن يعين الموضع أو تبين الكيفية ، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد : كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تخفيف هذا التشهد ، ثم ذكر الحديث أنه ( كان كأنما يجلس على الرضف ) يعني الحجارة المحماة ، من شدة تعجيله ، وهذا الحديث وإن كان في سنده نظر ، لكن هو ظاهر السنة ، أي أنه لا يزيد على هذا ، وفي صحيح ابن خزيمة ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتشهد في هذا الجلوس ولا يدعو ) ، ومع ذلك لو أن أحدا من الناس صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع ما أنكرنا عليه ، لكن لو سَأَلَنَا أيهما أحسن ؟ لقلنا : الاقتصار على التشهد فقط ، ولو صلى لم ينه عن هذا الشيء ؛ لأنه زيادة خير ، وفيه احتمال ، وإن كان ضعيفا أنه يصلي عليه في هذا المكان " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب